(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَالَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَوَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِالدُّنْيَا) هل تدبرنا لمن وجه هذا الخطاب ؟وكيف ان الذين طولب بصحبتهم اقل منه منزله؛ بل وحذرهم من تركهم طلبا لزينه الحياة الدنيا انه لدرس بليغ في بيان ضرورة مصاحبه الصالحين والصبر على ذلك وان الدعوة إنما تقوم على يد من قويت صلتهم بربهم ولو كان حظهم من الدنيا قليلاد.عمر المقبل_____________________________________________-
قال الشيخ ابن عثيمين _رحمه الله _: إذا رأيت وقتك يمضي وعمرك يذهب وأنت لم تنتج شيئا مفيدا ولا نافعا ولم تجد بركه في الوقت فاحذر أن يكون أدركك قوله تعالى ( ) ثم ذكر الشيخ الآية وهي في سوره الكهف فما هي ؟__________________________________________________ ____
الآية هي قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) أي انفرط عليه وصار مشتتا لا بركه فيه وليعلم أن البعض قد يذكر الله لكن يذكره بقلب غافل لذا قد لا ينتفع ابن عثيمين /تعليقه على صحيح مسلم_____________________________________________
قال ابن هبيره عند قوله تعالى : (وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ) ما قال : ما شاء الله كان أو لا يكون بل أطلق اللفظ ليعم الماضي والمستقبل الراهن ذيل طبقات الحنابله 3/222________________________________________________
(وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء) اٍنما شبه تعالى الدنيا بالماء لان الماء لا يستقر في موضع كذلك الدنيا لا تبقى على حال واحده ولان الماء لا يستقيم على حاله واحده كذلك الدنيا ولأن الماء لا يبقى ولا يذهب كذلك الدنيا تفنى ولأن الماء لا يقدر احد أن يدخله ولا يبتل كذلك الدنيا لا يسلم احد دخلها من فتنتها وآفتها ولان الماء إذا كان بقدر كان نافعا منبتا و إذا جاوز المقدار كان ضارا مهلكا وكذلك الدنيا الكفاف منها ينفع وفضولها يضرالقرطبي /تفسيره 13/289
__________________________________________________ __-
قوله تعالى : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) إنما كان المال والبنون زينه الحياة الدنيا لأن في المال جمالا ونفعا وفي البنين قوه ودفعا فصارا زينه الحياة الدنيا لكن مع قرينه الصفة للمال والبنين , لأن المعنى :المال والبنون زينه هذه الحياة المحتقرة فلا تتبعوها نفوسكم القرطبي تفسيره 13/291____________________________________________-
(الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) تقديم المال على البنين في الذكر لأنه اسبق لأذهان الناس لأنه يرغب فيه الصغير والكبير والشاب والشيخ ومن له من الأولاد ما قد كفاه ابن عاشور / التحوير والتنوير 15/77______________________________________________
في قوله تعالى : (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَىالْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَامَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّأَحْصَاهَا) قال قتاده رحمه الله : اشتكى القوم كما تسمعون الإحصاء ولم يشتك احد ظلما فٍن الله لا يظلم أحدا فإياكم والمحقرات من الذنوب فٍنها تجتمع على صاحبه حتى تهلكه .الدر المنثور 9/564_________________________________________________
(وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَامَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّأَحْصَاهَا )قال عون بن عبد الله : ضج _والله _القوم من الصغار قبل الكبار التمهيد 2/84فتأمل_ وفقك الله _ هذه أللفته من الإمام في التحذير من صغار الذنوب التي يحتقرها كثير من الناس مع أنها قد تجتمع على المرء فتهلكه____________________________________________
قد يستغرب البعض بل قد ييأس وهو يرى بعض الكفرة يبغون ويظلمون ومع ذلك لم يأخذهم الله بعذاب ولكن من فقه سنن الله وآثارها في الأمم السابقة لا يستغرب ولا ييأس لأنه يدرك أن هؤلاء الكفرة يعيشون سنه الإملاء والاستدراج التي تقودهم إلى مزيد من الظلم والطغيان وبالتالي إلى نهايتهم وهلاكهم لكن في الأجل الذي حدده الله قال تعالى : (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا)عبد العزيز الجليل ______________________________________
في قوله تعالى : (لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا) دليل على جواز الأخبار بما يجده الإنسان من الألم والأمراض وان ذلك لا يقدح في الرضا ولا في التسليم لكن إذا لم يصدر عن ضجر ولا سخط القرطبي /تفسيره / 11/14________________________________________________
في قوله تعالى : (آتِنَا غَدَاءَنَا) دليل على اتخاذ الزاد في الأسفار وهو رد على الجهلة الأغمار الذين يقتحمون الصحاري والقفار زعما منهم أن ذلك هو التوكل على الله الواحد القهار هذا موسى نبي الله وكليمه من أهل الأرض قد اتخذ الزاد مع معرفته بره وتوكله على رب العبادالقرطبي /تفسيره 13/321__________________________________
عندما اختار الله معلما لنبيه موسى عليه السلام مدح هذا المعلم بقوله : (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) فقدم الرحمةعلى العلم ليدل على أن من اخص صفات المعلم : الرحمة ,وأن هذا ادعى لقبول تعليمه والانتفاع به د.عبد الرحمن الشهري____________________________________-
في قول موسى للخضر : (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا)التأدب مع المعلم وخطابه بألطف خطاب وإقراره بأنه يتعلم منه بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر الذي لا يظهر للمعلم افتقاره إلى علمه بل يدعي انه يتعاون هو وإياه بل ربما ظن انه يعلم معلمه وهو جاهل جدا فالذل للمعلم وإظهار الحاجة إلى تعليمه من انفع شي للمتعلم ابن سعدي /تفسيره ص 482_________________________________________
قول موسى للخضر : (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا)نموذج لطالب العلم الجاد والأدب مع العلماء فموسى عليه السلام نبي مرسل ولم تكن تلك المنزلة لتمنعه أن يتعلم ممن اقل منه بل قطع الفيافي والقفار ولم يتعاظم على العلم وذهب في سبيله واجتهد حتى وصل د.عويض العطوي____________________________________-
عندما أمر الله رسوله _ في سوره الكهف _ ألا يقول لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا بعد أن يقول : إن شاء الله بين له القدوة في فعل أخيه موسى حين قال (قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ)د.محمد الخضيري
(أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا) هنا ملمح لطيف فموسى عليه السلام قال :لتغرق أهلها ولم يقل(تغرقنا )فلم يذكر نفسه ولا صاحبه رغم أنهما كانا على ظهر السفينة لأن هذه أخلاق الأنبياء يهتمون بأوضاع الناس أكثر من اهتمامهم بأنفسهم عليهم صلوات الله وسلامه أجمعيند.عويض العطوي__________________________________________________ _________
قال موسى للخضر لما خرق السفينة : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا) وقال له لما قتل الغلام : (لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا) فما الفرق بينهما ؟الامر أهون من النكر وقد لا يكون منكرا كالنكر وإنما يتعجب منه ومن الغرض منه والنكر هنا اشد لأنه فعل منكر قد وقع وهو قتل الغلام بخلاف خرق السفينة فأنها لم تغرق بذلكدره التنزيل للأسكافي ص 157/158__________________________________________________ _______
حين أنكر موسى على الخضر خرق السفينة قال له الخضر : (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) وحين عاد موسى إلى الاعتراض على الخضر وأنكر قتله للغلام _بعد أن أكد للخضر انه لن يعود للاعتراض عليه _ قال له الخضر : (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا) فزاد لفظه لك ليفيد التأكيد في بيان عدم صبر موسى على علمه وهكذا عاده العرب : تزيد في التأكيد كلما زاد الإنكار ملاك التأويل للغرناطي ص 789_________________________________________
من أجمل صفات المؤمنين :استعمال الأدب مع الله تعالى حتى في ألفاظهم فأن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله : (فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا) وأما الخير فأضافه إلى الله بقوله : (فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ) وقال إبراهيم عليه السلام : (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (فنسب المرض إليه والشفاء إلى الله وقالت الجن : (وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَبِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً(10)مع ان الكل بقضاء الله وقدره السعدي /خلاصه تفسير القرآن ص 451__________________________________________________ _
قال مطرف بن عبد الله في قوله تعالى : (وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا) إنا لنعلم أنهما قد فرحا به يوم ولد وحزنا عليه يوم قتل ولو عاش لكان فيه هلاكهما فليرض رجل بما قسم الله له فان قضاء الله للمؤمن خير من قضائه لنفسه وقضاء الله لك فيما تكره خير من قضائه لك فيما تحب الدر المنثور 6/395________________________________________
يستفاد من قوله تعالى : (فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا) تهوين المصائب بفقد الأولاد وان كانوا قطعا من الأكباد ومن سلم للقضاء أسفرت عاقبته عن اليد البيضاء القرطبي 13/354________________________________________________
قوله تعالى : (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ) فيه فوائد منها : أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه وذريته وما يتعلق به ومنها أن خدمه الصالحين وعمل مصالحهم أفضل من غيرهم لأنه علل أفعاله بالجدار بقوله : (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) السعدي خلاصه تفسير القران __________________________________________________ _
في قوله تعالى : (عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) دليل على اتخاذ السجون وحبس أهل الفساد فيها ومنعهم من التصرف لما يريدونه ولا يتركون على ما هم عليه بل يحبسون حتى يعلم انكفاف شرهم ثم يطلقون كما فعل عمر رضي الله عنه
_______________________________________________
وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا) وجاءت كلمه (عَرْضًا) نكره والمعنى عرضا عظيما تتساقط منه القلوب ومن الحكم في ذكر ذلك : أن يصلح الإنسان ما بينه ومابين الله وان يخاف من ذلك اليوم ويستعد له وان يصور نفسه وكأنه تحت قدميه
ابن عثيمين /تفسير سوره الكهف 140)
__________________________________________________ ________
(وعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا* الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا) وهذا يتضمن معنيين احدهما :أن أعينهم في غطاء عما تضمنه الذكر من آيات الله واله توحيده وعجائب قدرته والثاني أن أعين قلوبهم في غطاء عن فهم القرآن وتدبره والاهتداء به وهذا الغطاء للقلب أولا ثم يسري منه إلى العين ابن القيم /شفاء العليل ص93____________________________________________-
من فوائد قصه موسى مع الخضر: أن من ليس له صبرا على صحبه العالم والعلم فأنه يفوته بحسب عدم صبره كثير من العلم ومن استعمل الصبر ولازمه أدرك به كل أمر سعى فيهابن سعدي /تفسيره ص482_______________________________________________-
في إنكار موسى أكثر من مره على الخضر وعدم صبره دليل على أن قلوب المؤمنين مجبولة على إنكار المنكر لان موسى عليه السلام وعد الخضر بالصبر فلما رأى مارى أنكره عليهالقصاب نكت القرآن 2/215___________________________________________-
من ثمرات تدبر المشتركين : انظر الفرق كيف نسب الله _في سوره الفيل _الكلب إلى الفتيه لأنهم صالحين بينما في سوره الفيل نسب ابرهه وجيشه إلى الفيل لحقارتهم عند الله_______________________________________
قال تعالى عن أهل الفردوس : (خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا) فان قيل : قد علم أن الجنة كثيرة الخير فما وجه مدحها بأنهم لا يبغون عنها حولا فالجواب : أن الإنسان قد يجد في الدار الأنيقة معنى لا يوافقه فيحب أن ينتقل الى دار أخرى وقد يمل والجنة على خلاف ذلكابن الجوزي /زاد المسير وَخِتَامَا..
اسْأَل الْلَّه ان يَجْعَل الْقُرْان رَبِيْع قُلُوْبِنَا وَنُوْر صُدُوْرِنَا وَجَلَّاء احْزَانِنَا وَذَهَاب هُمُوْمِنَا